{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ} أي: خلفاء، {فِي الأرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ} أي: من بعد القرون التي أهلكناهم، {لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} وهو أعلم بهم. وروينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا إن هذه الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون».قوله عز وجل: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} قال قتادة: يعني مشركي مكة. وقال مقاتل هم خمسة نفر: عبد الله بن أمية المخزومي، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاص بن عامر بن هاشم. {قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} هم السابق ذكرهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت تريد أن نؤمن بك {ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة، وليس فيه عيبها، وإن لم ينزلها الله فقلْ أنت من عند نفسك، {أَوْ بَدِّلْهُ} فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة، أو مكان حرام حلالا أو مكان حلال حراما، {قُل} لهم يا محمد، {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} من قِبَلِ نفسي {إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} أي: ما أتبع إلا ما يوحي إليّ فيما آمركم به وأنهاكم عنه، {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} يعني: لو شاء الله ما أنزل القرآن عليّ. {وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} أي: ولا أعلمكم الله. قرأ البزي عن ابن كثير: {ولأدراكم به} بالقصر به على الإيجاب، يريد: ولا علّمكم به من غير قراءتي عليكم. وقرأ ابن عباس: {ولا أنذرتُكم به} من الإنذار. {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا} حينا وهو أربعون سنة، {مِنْ قَبْلِهِ} من قبل نزول القرآن ولم آتكم بشيء. {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أنه ليس من قِبَلي، ولبث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم قبل الوحي أربعين سنة ثم أوحى الله إليه فأقام بمكة بعد الوحي ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر فأقام بالمدينة عشر سنين وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.وروى أنس: أنه أقام بمكة بعد الوحي عشر سنين وبالمدينة عشر سنين، وتوفي وهو ابن ستين سنة. والأول أشهر وأظهر.